رعى عميد كلية الآداب الدكتور موسى ربابعة، الندوة التي نظمتها الكلية بعنوان "مكانة المرأة في الأدب العالمي" في القاعة الدائرية بمبنى المؤتمرات والندوات.
وقال ربابعة في كلمته الافتتاحية إن الحديث عن مكانة المرأة في الأدب العالمي حديث ذو شجون، لأن الإمساك بصورة المرأة في الأدب يمكن أن يمثل حالة من التفلت من أسر الماضي الذي جسد حالات الاضطهاد والتهميش عبر العصور وفي كثير من الحضارات القديمة، وقد استطاعت المرأة عبر نضالها أن تفلت من القيود وتحقق ذاتها، مما هيأ لها أن تحيا حياة كريمة.
وأضاف أن صورة المرأة في الأدب العالمي، الذي عكس أدوار المرأة على الصعيد الاجتماعي والثقافي، فالمرأة التي كانت متلقية لما يكتب عنها أصبحت هي الأخرى قادرة على أن تعبر عن همومها وآمالها وطموحاتهم، فانتشلت ذاتها من التقييد إلى الانطلاق، وأصبحت تشارك مشاركة فاعلة في بناء المجتمع ونهضته.
ولفت ربابعة إلى أن المرأة استطاعت ومن خلال الكتابة بشكل عام والأدب على نحو خاص، ان تحقق ذاتها وأن تشكل كيانها، وان ترسم عالمها، وعليه ظهر ما يعرف بالأدب النسوي أو أدب المرأة، وهي مصطلحات لم يكتب لها الاستقرار حتى يومنا هذا، كما وأن صورة المرأة انبثاق للحظة تاريخية مرهونة بالنضال، لنيل الحقوق والدفاع عن الذات، وعليه فثمة رائدات في الأدب النسوي في العالم العربي، كمي زيادة وغادة السمان ومي زيادة ونازك الملائكة، مشيرا إلى أن ما تكتبه المرأة استطاع أن يعيدها إلى عالمها بعد أن عانت من التهميش والإقصاء.
وقدمت الدكتورة ندى الناصر، ورقة بحثية بعنوان "صورة المرأة في القصائد الخمس لبودلير :العطر الغريب، دعوة إلى السفر، القط، مصاص الدماء والأفعى التي ترقص"، حيث عرضت نماذج شعرية باللغتين العربية والفرنسية من أرث الشاعر الفرنسي بودلير، مبينة ان هذه القصائد الخمس ماهي إلا أمثلة على الازدواجية والغموض في صورة المرأة والموجودة حصريا في مخيلة الشاعر :تارة يراها الجنة في تمامها والطفلة في براءتها وتارة يراها الأفعى التي ترقص على أوتار مكرهة، وتارة يراها أخت الروح وتارة يراها ذاك الحيوان الشرس الذي يستغل قلبه ويستعبده.
فيما تحدثت الدكتورة نانسي الدغمي من قسم اللغة الإنجليزية وآدابها عن النظرية الأدبية النسوية المعاصرة وما يعرف بالنسوية عبر الحدود، كما وقدمت تعريفا بالنظرية وجوانبها الرئيسية وأهمية تبنيها في الدراسات الادبية المختلفة لأنها تمثل تجارب العديد من الأصوات والتجارب النسوية المهمشة كتجارب النساء اللاجئات والمهاجرات وغيرهن.
وقد قدمت الدكتورة ليندا عبيد ورقة بحثية بعنوان "خرق التابو وخصوصية اللغة النسوية، رواية خارج الجسد لعفاف بطاينة أنموذجا تطبيقيا".
وتوقفت الورقة عند إشكالية مصطلح الأدب النسوي، مرورا بالحديث عن تطور الوعي النسوي مرتبطا بحركة التحرر النسوي ومدارس النقد النسوي في العالم الغربي وظلالها في العالم العربي، ثم الحديث عن ملامح الخصوصية النسوية لغة وأيديولوجيا وخرقا للتابوهات في مستوياتها الثلاث؛ السياسية والدينية والاجتماعية في الرواية بوصفها فنا إبداعيا نسويا يتخذ من الكتابة ميدانه للكفاح والانعتاق من أسر الهيمنة الذكورية التي تضرب بعصاها الأسرة والمجتمع والمؤسسات السياسية والتعليمية والدينية محاولة لتأريخ نظرة جديدة للجسد الأنثوي، ومحاولة للبحث عن الذات والهوية والكينونة في زمن الاستلاب والتشظي، مع الوقوف عند التقنيات الفنية التي سخرت خدمة لوجهة النظر النسوية.
كما وقدمت الدكتورة ايناس شديفات ورقة بحثية بعنوان" إطلالة من نافذة سيمين دانشور "، بينت فيها أن فن الرواية في الأدب الفارسي هو من أهم أعمدة الأدب الحديث وأحد ركائزه، وقد كان فن كتابة الرواية بعامة مقتصراً على الكتاب الإيرانيين من الرجال أمثال "جمالزاده" و"صادق هدايت" و"ساعدي" و "جلال آل احمد" وغيرهم من الكتّاب، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، فقد اقتحمت مجال كتابة الرواية الكاتبة "سيمين دانشور" باعتبارها أول امرأة تقود غمار تجربة كتابة القصة الإيرانية ، لتصبح أحد أهم الروائيات في مجال كتابة الرواية، وتفسح الطريق أمام غيرها من النساء، ويتميز أسلوب "سيمين دانشور" منذ بدايتها في مجموعاتها القصصية "النار الهادئة" و"مدينة كالجنة" و"لمن أقول مرحباً " و"اسأل الطيور المهاجرة" بالاهتمام البالغ بقضايا مجتمعها، وبلغتها الأقرب إلى لغة الناس، وكونها امرأة فقد كان جل اهتمامها منصباً على قضايا المرأة بخاصة، ثم تطور أسلوبها إلى غير ذلك لتتخذ أسلوباً محايداً وتجنب إصدار أي حكم عليهن فوصفت نساء مجتمعها كشخصيات قادرة على أن يتحدثن عن أنفسهن وأن يشرحن أين تكمن نقاط ضعفهن وقوتهن، فقد كانت بارعة إلى حد كبير في رسم العوالم الحقيقية والخيالية لشخصيتها.
فيما قدم الدكتور رباع ربابعة ورقة بحثية بعنوان "صورة المرأة في الرواية التركية من خلال رواية أيلول لمحمد رؤوف"، تتحدث عن العلاقة الثلاثية بين السيد ثريا وزوجته السيدة سعاد وصديقهما السيد نجيب، وقد اتخذ الكاتب من العشق الممنوع موضوعا لروايته، ومن خلال الصور التي ظهرت بها المرأة في الرواية تبين أن الكاتب ينتقد العلاقات الزوجية وبنية العائلة في اسطنبول، ويسلط الضوء على المجتمع وقيمه الأخلاقية.
و قدم الدكتور موسى الزعبي ورقة بعنوان "المرأة اليهودية بين قيود اليهودية والمجتمع الإسرائيلي رواية (دوريت رابنيان جدار حي انموذجا" والتي تروي قصة الحب بين الكاتبة الإسرائيلية دوريت رابنيان والفنان الفلسطيني الراحل حسن الحوراني)، وما تعرضت له الكاتبة من حملة نقد واسعة من قبل المجتمع الإسرائيلي والأوساط السياسية والدينية، الأمر الذي أدى إلى حظر روايتها وسحبها من أيدي طلبة الأدب في المدارس الثانوية والجامعات الإسرائيلية بحجة تشجيع الاختلاط مع العرب وتشجيع الفتيات اليهوديات للتعلق بالشباب الفلسطيني، وما تلاه من نقد عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية ووزارة التعليم .
وحضر الندوة جمع بارز من أعضاء الهيئة التدريسية المتخصصين في الأدب بالكلية وجانب غفير من الطلبة.