أ.د. محمد محمود العناقرة
عميد كلية الآداب
ترجمت جامعة اليرموك تضامُنها وتلاحُمها مع الشعب العربي الفلسطيني الشقيق، وصمود أحراره في مواجهات جرائم الاحتلال الإسرائيلي الغاشم بحق أبناء أمتنا في قطاع غزة، من خلال وقفة تضامنية مَشهودة، انطلاقا من رمزيتها التاريخية من اسم المعركة التي جرى بعدها فتح بوابة بلاد الشام للتحرُر والتحرير من الاحتلال في ذلك الزمان، فكانت "اليرموك" وما زالت منارة في طريق أمتنا العربية والإسلامية.
يواجه شعبنا العربي الفلسطيني في قطاع غزة اليوم بكل شجاعة وصمود آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة التي لا تفرق بين امرأة أو طفل أو طاعن في السن مُرتكبة أبشع الجرائم الإنسانية ومُتجاوزة ًكل الأعراف والقوانين الدولية. إن هذه المُمارسات الجبانة للعدو الصهيوني من قصف للمدنيين والمُستشفيات والطواقم الطبية ولكافة أبناء الشعب الفلسطيني في غزة هاشم لهي أبرز دليل على انعدام مشروعية هذه الدولة التي ليس لها مصير في هذه المنطقة إلا الزوال عاجلا أم آجلا.
يخوض الشعب الفلسطيني اليوم نضاله المشروع ضد محاولات تهميشه وتجاوزه وابتلاع أراضيه وسلب مُقدساته وهو الأمر الذي كان جلالة الملك عبد الله الثاني أبن الحُسين قد حذر منه قبل عدة شهور مضت عندما قال إن استمرار محاولات تهميش مطالب وآمال الشعب الفلسطيني لن تقود المنطقة إلا إلى الصراع والحروب.
يقف الأردن اليوم واحدا موحدا في مواجهة العدو الصهيوني في تلاحم وتناغم كامل بين الموقف الرسمي المتميز والموقف الشعبي المُخلص في الانحياز المطلق للشعب العربي الفلسطيني ونضاله، هذا النضال الذي يتعرض يومياً لمحاولات التشويه والتزوير الإعلامي من قبل وسائل الإعلام العالمية المنحازة والفاقدة لأبسط شروط العمل المهني والإنسانّي والأخلاقّي.
لقد كان الأردن وسيبقى مع أهلنا في فلسطين لاستعادة الحق المقدس والمشروع في الدفاع عن أراضيه المحتلة في مواجهة الاحتلال الغاشم وهو الحق الذي تقره كل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية.
إن التصدي للعدوان الإسرائيلي على أبناء أمتنا وشعبنا في فلسطين واجبٌ على كل واحد منّا، وكما تعلمون فإن دفع العدوان الذي يقودنا إلى النصر هو في الأساس معركة علم ووعي وفهم. نقول لطلبتنا في كل مكان، وأنتم حملة العلم والمعرفة، أننا بالعلم نستطيع أن نحقق التفوق على عدونا، وبالوعي نستطيع دائما أن ندرك أهدافه ونمنعها. ومن هذا المنطلق فإن التضامن السلمي ضروري من أجل إعلان الموقف الشعبي الداعم لنضال الشعب العربي الفلسطيني. أما محاولات زعزعة الأمن والاستقرار والتشكيك والتخريب فما هي إلا أعمال تخدم العدو الصهيوني أولا وآخرا.
إنّ هذا العدو كان ولا يزال يجدُ مصلحته وبقاءه في جعل مُحيطه العربي فاقدا للأمن والاستقرار، وإنّ محاولات زعزعة الأمن والاستقرار في الأردن ما هي إلا أمنيات العدو بتصدير أزماته لمحيطه. ودورُنا اليوم كحملة للعلم والمعرفة هو منع هذه المحاولات والحيلولة دون وقوعها...وهيهيات أن ينجح العدو في ذلك.
إن هذه الأحداث الأخيرة تؤكد أنّ علينا أولا الوقوف خلف قيادتنا الهاشمية المظفرة التي كانت ولا تزال المدافع الأول عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في أرضه ودولته، وتفرض علينا ثانيا الوقوف خلف مؤسساتنا الأمنية والعسكرية الدرع الأول للوطن في مواجهة الأعداء ومخططاتهم فالجيش العربي الأردني الباسل كان وسيبقى درع هذا الوطن وسيف كل العرب، وهو الجيش الذي قدم الشهداء دفاعًا عن فلسطين، فما من قرية أو مدينة فلسطينية تخلو من فوح عطر شهداء الجيش العربي وأضرحتهم، وإن هذا التراب الذي يروّى بدماء الأردنيين وجيشهم سيبقى بالنسبة لنا ترابا مقدسا، وإن هذه التضحيات التي تعرفونها لن تضيع سُدى مهما طال الأجل.
إن الأردن المُستقر والآمن والموحد خلف قيادته الهاشمية ومؤسساته وجيشه هو القادر على تقديم كل أنواع الدعم للشعب الفلسطيني ونضاله، واعلموا أن اليد التي تبني هنا بيتا أو تزرع شجرة هي في الوقت ذاته تؤسس لوطن قوي قادر دائما على الوقوف في وجه العدو ومخططاته وانتهاكاته لحقوق شعبنا في فلسطين.
من "اليرموك" يأتي التضامُن الدائم مع أهلنا في قطاع غزة الذين يتعرضون إلى حرب إبادة جراء العدوان الهمجي والغاشم الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهم، ومن هنا نؤكد وقوفنا خلف جلالة الملك عبد الله الثاني ودعمنا المطلق لمواقفه الثابتة والحازمة حيال القضية الفلسطينية ومواقفه المشرفة التي تمثل الأردنيين جميعًاً والتي عبر عنها في كلمته في قمة السلام في القاهرة في دعم أهل غزة في مواجهة الظلم والعدوان الإسرائيلي الغاشم، وأنّ الأردن سيبقى أرض الحشد والرباط الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته على أرضه وترابه الوطني.